المشهد العام: هل تعيد “أحداث فلسطين” لبنان إلى أحضان سوريا؟
فجأةً وبسحر ساحر، تحوّل المشهد العام في المنطقة والعالم، كان الخبر ليمر بشكلٍ عابر عن اعتداءات الصهاينة المتكرّرة على أبناء البلد الأصليين في أحياء القدس، لكن إرادة المقاومة كانت أقوى وجعلت من الحادث المحدود قضية كبرى، وربما غيّرت وجه المنطقة إلى غير رجعة.
إذن كلّ المؤشرات السياسية والميدانية المستجدة تدلّ على أنّ المنطقة قد دخلت في متغيّرات كبيرة، وفلسطين توجتْ سلسلة من المحطات، من انتصار سوريا والعراق واليمن على الإرهاب وثبات إيران في وجه كل الضغوط وسقوط مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة، وجاءت أحداث فلسطين لتتوج السلسلة المتتالية من النقاط الرابحة لمحور المقاومة، وبدأت ملامح التغيير مع الحوار الأميركي الايراني وفتح العلاقات المباشرة بين دول الخليج العربي وسوريا، واتجاه عام أميركي وأوروبي إلى مرحلة تهدئة وفتح قنوات حوار بدلاً من الحرب.
كيف سينعكس هذا الأمر على لبنان؟
حتماً فإن هذا التوازن الاستراتيجي الجديد قد أفشل كل الضغوط الأميركية، الاقتصادية والسياسية والعسكرية، التي مورست على دول المنطقة ومحور المقاومة، من أجل ضمان أمن “إسرائيل”، وتأليب الشارع اللّبناني والعربي ضد حزب الله وحلفائه وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر، وفرض الشروط على لبنان وأوّلها ملف التوطين وإبقاء اللّاجئين السوريين في لبنان كورقة ابتزاز وضغط وحماية الفاسدين من دوائر القرار الغربي وأذرعتها المتنوّعة في الدولة العميقة.
إذن، وبشكل منطقي، ستبدأ نتائج الحرب في فلسطين بالانعكاس على المنطقة ولبنان ومن أولى نتائجها تخفيف حدّة الحصار عن لبنان وسوريا وإلّا سترتفع وتيرة الضربات على قلب الكيان من خلال فتح المزيد من الجبهات عليه وربما كانت الصواريخ اليتيمة اختباراً ورسالة “أنّنا مستعدون لكلّ الاحتمالات والمشروعية الشعبية موجودة من المحيط إلى الخليج وقادرة على حماية توجه المقاومة”.
وبات محسوماً أنّ نتائج الحرب في فلسطين قد أسقطت أي فكرة حرب على لبنان وسوريا أو أي من دول المحور، كذلك قد أنهت مشروع “صفقة القرن” وما كان سيتبعها من توطين اللّاجئين الفلسطينيين حيث يقيمون في الدول، كذلك الأمر بالنسبة للصراع على ثروات البر والبحر وترسيم الحدود.
ضمان أمن “اسرائيل” فشل، السيطرة الغربية على المنطقة عبر ربيبتها القاعدة العسكرية في فلسطين تقلص دورها، صفقة القرن في خبر كان، عودة الحديث بقوة عن حل “الدولتين”، محور المقاومة يتقدم ويمتلك المزيد من قوة الردع والهجوم، سقوط مشروع الفوضى البناءة خاصةً في لبنان.
يبقى السؤال، هذا التغيير الكبير في المنطقة كيف ستقرأه الطبقة السياسية اللّبنانية التي ما انفكت تسيطر على مقدرات البلاد وتنهب ثرواتها؟ هل ستأخذ العبر وتنطلق نحو تغيير فعلي دون إراقة الدماء، كما في كل تحول تاريخي في لبنان؟
هل يعود الملف اللّبناني إلى عهدة سوريا وهي الأكثر قدرة وخبرة في فهم هذه الطبقة؟
ربما الأمر في هذا الاتجاه.